الشيخ أبو حراز
الشيخ أبو حراز
بسم الله الرحمن الرحيم
رجل القول والفعل والحال الصالح، جرت منه إلى قومه وبلده فيوضات المصالح، داعية خير ورمز سلامة، وعلم دلالة على القيم والفضائل، رُبى في المكرمات وسني الحالات وجميل الصفات؛ إنه الشهيد الصالح الزاهد سليمان( أبو حراز) بن صبيح الحرزات، المولود فى بيداء سيناء بجمهورية مصر العربية وبالتحديد في محيط مدينة العريش، حيث كان مسقط رأسه بمنطقة وادى العريش بمحافظة شمال سيناء، من أسرة صالحة تقية من قبيلة السواركة التى تنتمى فى أصلها الى الصحابى الجليل عكاشة بن محصن رضى الله عنه.
– ظهر هذا الرجل الصالح إلى الوجود فى أرجح الأقوال عام 1925م حيث عاش فى بيئة لا تعرف للين العيش طريقاً فنشأ والشدائد حولة مترجلاً بين قومه الى منابت الكلأ فلايكاد يستقر فى مكان إلاَّ ويؤذن مؤذن الرحيل الى مكان آخر يفترش الأرض ويلتحف السماء ويستقر حيث يوجد الماء.
– غرست فيه هذه البيئة كغيره من أبناء البادية عزة النفس والإباء والشمم لايرى لأحد عليه فضل إلاَّ الله جل وعلا ، وكان اذا ضنت السماء بمائها وخلت الأرض من نباتها وكثيراً ما يحدث ذلك يرتحل مع قبيلته وغيرها من القبائل الى فلسطين حيث الكلأ والماء فيقيمون فيها اقامة المجبر.
– فى ظل هذه الظروف ترعرع هذا الإنسان السوي لتبدوا عليه علامات الولاية فكان يبحث على أهل الذكر فى كل مكان فيلتف حوله المحبين ويغرفون من معينه حب الله ورسوله.
– وظل الشيخ الشهيد يعمل في الزراعة وفلاحة الأرض، فكان يصبح ويمسى على آثار رحمة الله وكرمه بنتاج زرعه وحصول ثمره وظهور ينعه، فتظهر بذلك عليه صفات الكرم والجود، ويتصدق بكل ماتنتجه الأرض على الفقراء وقد كان يملك أرض شاسعة من مزارع الزيتون وتجده في أغلب الأحيان تحت شجر الزيتون يعمل فيها.
– اتصف الشيخ بسلامة الصدر وبراءة الأطفال؛ فكان يرى الناس كلهم واحد، وكان متوكلا على الله حق التوكل، فتعلقت قلوب الناس في ربوع سيناء بهذا الإنسان الصالح سليم القلب واللسان والحال، فكان تأثير الشيخ عليهم واضحاً في ثباتهم على الطاعة لله ورسوله، والمحافظة على الصلوات الخمس وبر الوالدين خصوصاً فقد كان يمزج نصائحه بذلك كثيراً، ويحث الناس على التمسك بطريق آداب الصالحين وأخذ العلم والأدب عبر الزوايا المنتشرة في أنحاء سيناء مع العلم أن الشيخ لا ينتسب إلي أي طريق بل كانت الأخلاق الفاضلة فيه سجية، فقصده الناس لطلب نصائحه وبركته ودعائه كما كان ذلك دأب الصالحين من سلف هذه الأمة صحابة وتابعين. وكانت الناس تاخد كلامه في عين الاعتبار، وتنزله في واقع حياتهم، فتأثرت به العباد والبلاد، وكان محل قبول من الناس ومرجع وموئلاً لهم في شئونهم، ولايصدرون عن أمر حتى يرجعوا له ويأخذوا رأيه ونصحه، فصار رمز بلاده وأثرا قوياً في حياة الناس، وقد كانت له قولة معروفة لدى الكبير والصغير عندما يقصده الناس بالدعاء : ( أبوك وأمك على قيد الحياة يقول نعم فيقول قبل رأسهما ويديهم وصلى ركعتين يعطيك الله ما تريد).
حبه لربه ورسوله ودينه ووطنه وأهله والقيم والفضائل دفعه للمزيد من العطاء بنشر الخير ودعوة الناس الى محبة الله ورسوله والصالحين؛ فكان يطوف المساجد بشبة جزيرة سيناء باحثاً عن ساحات الذكر للتقرب الى الله ودعوة خلق الله .. وكانت كلاماته البسيطة أقوى وقعاً على مريديه من كل الكلام ، كان يدعوا الى وحدة الصف والكلمة وحب الوطن والتقرب الى الله بالأعمال الصالحة.
– أبوحراز….شخصية ملأت قلوب أهل منطقته وظهر تأثيره عليهم، فصار عقبة كؤود لكل محتل أومختل يعيث في أرض سيناء الفساد، وكان أول اعتداء حصل لهذا الرجل المبارك من الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي، فقاموا باعتقاله ومحاولة قتله ولكن الله صرفهم عنه.
ثم جاء من بعدهم في السنوات الأخيرة خوارج العصر من التكفيرين وعاثوا بمنطقة سيناء الفساد ودنسوا ترابها بأعمالهم التخريبة وهواءها بأفكارهم وكلماتهم الضلالية، وظل الشيخ يبث في الناس عبر المساجد والزوايا روح المحبة والألفة والوئام ويحذر الناس من أي فكر يفرق جمعهم ويخالف بين قلوبهم وأقوالهم، ويشدد النكير والنذير من فكر التكفير والاقصاء ويحذر الشباب من الانزلاق الى هاوية هذا الفكر أو الانخراط في الجماعات التكفيرية أو الاستماع إلى أراجيفهم، فكان صمام الأمان للمنطقة وشبابها من أن تسيطر هذه الجماعات عليهم، ودعاهم بأن يكونوا عوامل مساعدة لبلدهم وجيشهم في دحر هذه التظيمات المخربة.
تنبه خوارج العصر من التظيمات التكفيرية لأهمية وجود (الشيخ سليمان أبو حراز) بين الناس وأن فكرهم في خطر طالما بقي هذا الرجل الصالح بين ظهراني الناس، فسولت لهم أنفسهم السوء وحاولوا قتله عدة مرات ولكن لم يفلحوا.
سكينة ووقار شيخ عجوز ضرير آمنا بإيمانه في نفسه،ويمشي بنور الخير والأمن والسكينة بين أحبابه وأهل منطقته يزورهم ويزوروه ، لايؤذي أحداً ويعود الى عشته بمنطقته في مزرعته بالعريش بين أشجار الزيتون ذاكرا لربه ونبيه، كل ذلك كان مصدر قلق واضطراب لذوي القلوب المريضة من أولئك الخوارج..
لم يتوقف أولئك البغاة عن محاولة قتل هذا الصالح المصلح، وأخذوا في تبييت نوايا فعل هذه الجريمة الشنعاء بطريقة أخرى فأخذوا يشوهوا صورة الرجل في منطقته وادعوا زوراً وبهتاناً بكهانته وشعوذته وسحره ورميه بالكفر والشرك ،شأنهم شأن أسلافهم من الخوارج قتلة الصحابة رضى الله عنهم ،ليتم الاعلان عن ذبحه بالسيف أمام جمع من الناس في منطقته بعد أكثر من شهر من اختطافه على يدهم فى 18 الثامن عشر |من شهر نوفمبر 2016م
أُخفي جسد هذا الصالح عمدا؛ حتى تختفي معالم تلك الجريمة القبيحة، ولئلا يبقى أثر صمود الرجال أمام تلك الفئة الباغية..
رحل الشهيد جسداً لكن ذكراه باقية بين أهل منطقته لتلهمهم الخير والصلاح والثبات على منهج الحق ، ولتشهد على بشاعة هذا الفكر الخارجي المتطرف الضال ، ولكى تتعرف الأجيال القادمة ان من أزاح هذا النور والخير والبركة هو فكر ضال يجب اجتنابة ومحاربته.