الشيخ البوطي الذكرى العاشرة لاستشهاد الشهيد السعيد
الشيخ البوطي الذكرى العاشرة لاستشهاد الشهيد السعيد
الشيخ البوطي
عالم عصري مجدّد، ورع مخلص، سليم الطوية، حسن النية والمقصد، غيور على شرع الله والأخلاق الإسلامية، جريء في الحق، ملأ حياته وحياة الناس بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، والحكمة النافعة بالكتاب والسنة النبوية، متبع للسلف الصالح، محذر من البدع، وداعية إسلامي متفوق في كل ميدان.
تشعب اختصاصاته العلمية والفكرية وانعكس هذا على نشاطاته العلمية في سفره وحضره وفي كتبه ومحاضراته.
– في عام 1953 أتم دراسته في معهد التوجيه الإسلامي.
– في عام 1954 ذهب إلى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية في الأزهر.
– عاد لدمشق بعد حصوله على الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة بالأزهر عام 1955.
– حصل على دبلوم التربية من كلية اللغة العربية في الأزهر عام 1956.
– عين مدرساً للتربية الدينية في حمص عام 1958 .
– أصبح معيداً في كلية الشريعة بجامعة دمشق، فموفداً إلى القاهرة لنيل درجة الأستاذية (الدكتوراه) في الفقه وأصوله، وكانت اطروحته كتاب (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية) نال عليها مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بالتبادل ..
– في عام 1965م عين مدرساً في كلية الشريعة جامعة دمشق فأستاذاً مساعداً، فأستاذاً.
– وعُين في عام 1975م وكيلاً للكلية.
– ثم في عام 1977م عيّن عميداً لها، ثم رئيساً لقسم العقائد والأديان. وقد بقي محاضراً حتى آخر لحظة من حياته بوصفه متقاعداً ومتعاقداً مع الجامعة.
كان الشيخ رحمه الله شديد الحرص والاهتمام على ببلده وأمته والحفاظ عليها وبقاء القيم والأخلاق فيها، ولأجل ذلك لم يألوا جهداً في النصيحة فنصح الحاكم بأدب العلماء، وكان له وقفات مع الحكام في سورية سراً وجهراً ، لا سيما فيما يتعلق بالصلاة في الجيش، والوقوف بوجه بعض المسلسلات الهادمة للمباديء والقيم، وما يتعلق بطرد المنقبات من بعض الدوائر الحكومية، ومعالجة كثير من القضايا الأخرى المتعلقة بالمعاهد الشرعية ومناهج التربية الإسلامية واللغة العربية والإعلام والكتب.
كما كان داعياً للوئام والصلح والوفاق وترك الشقاق وجمع شتات المتفرقين على المستوى الخاص والعام بين الناس، وسعى من أجل ذلك لرأب صدع الخلاف بين الدولة وبعض أفرادها،
فكان السبب في اطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين على دفعات، وفتح المجال لعودة الذين خرجوا بسبب الأحداث الجارية في الثمانيات.
دعا الشيخ بلسانه وقلمه وفعله إلى الوسطية ونبذ طرفي التطرف المقيت الإلحادي والتكفيري؛ فشهدت المكتبة الإسلامية آثاره في الرد على الجدلية المادية ونفي الإله الخالق التي تنزع الإنسان من روحه السماوية العالية إلى غياهب الظلمة والكفر، كما توجه قلمه إلى تفنيد الفكر التكفيري الخارج عن منهج أهل السنة والجماعة.
وقد كان له موقف متميز من الحرب الدامية في الجزائر، تعرض بسببه للهجوم الشديد خصوصاً بعدما أعقب ذلك تأليفه كتاب الجهاد في الإسلام.
وفي فتنة عام 2011 التي اجتاحت العالم العربي وبدأت بلده سورية تصطلي بنار تلك الفتنة اتخذ الشيخ رحمه الله تعالى ذات الموقف الذي اتخذه من أحداث الجزائر والذي كان سبباً في إيقافها، فكان له موقفاً واضحاً وصريحاً تفرد به عن غيره وابتعد فيه عن أسلوب التحريض ودأب فيه على معالجة أسباب سفك الدماء مستنداً في كل ما ذهب إليه إلى الدليل الشرعي، ووجه النصح لكلا الطرفين، فكانت فرصة لخصومه للنيل منه والقيام بمحاولات حثيثة لتشويه صورته.
استمر هذا التشويه والحط من قدر الشيخ عبر وسائل الإعلام المختلفة ونسب مايجري في سورية إلى موقف الشيخ، ليتحول الأمر بعد ذلك إلى تحريض وتشجيع على التخلص منه، وبالفعل تم ترتيب ذلك وحصلت حادثة اغتياله بعد مرور عدة سنوات من الفتنة التي قامت في سوريا عام 2011م ، والتي دأب الشيخ على توجيه نصيحته لمن انساق وراء الإصلاح بالقوة في الحفاظ على البلاد والعباد، ولكن هذا النصح لم يلق عقولاً ناضجة وآذاناً واعية وحصل ما حصل ببلد سورية الحبيبة.
اختار الله الشيخ شهيداً مساء يوم الخميس 21/ آذار/ 2013، الموافق: 10 / جمادى الأول / 1434هـ. في خاتمة يتمناها كل مسلم عاقل، في مجلس وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). عندما كان يلقي درسه في تفسير القرآن الكريم في محراب مسجد الإيمان بدمشق مع حوالي خمسين من طلبة العلم الشرعي، واستحق لقب شهيد المحراب، فرحمه الله وجميع من كان معه من أهله وطلبته وأحبابه…
واليوم بعد مرور أكثر من 10 سنوات على ما حصل في سورية نتذكر وجميع القراء هذا الموقف العظيم من هذا الرجل الكبير الذي بذل روحه من أجله، لتثبت الأيام أهمية وجود طوق النجاة من العلماء الراسخين في العلم الصادقين في بذل النصيحة لبلدهم وأمتهم….
اللهم أجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها و ما بطن