شهيد الفجر.. الشيخ علي عثمان الجيلاني: رمز الوسطية والإصلاح في عدن

في مدينة العلم والعلماء، عدن جنوب اليمن، التي عُرفت بتعلقها بالمنهج السني الوسطي، ارتقى شهيد الفجر، الشيخ الفقيه علي عثمان الجيلاني، تاركاً وراءه إرثاً من العلم والدعوة والإصلاح.

نشأة علمية وتربية أخلاقية

تربى الشيخ الجيلاني في بيئة علمية أصيلة، حيث تتلمذ على يد والده وجده، وحفظ القرآن الكريم صغيرًا. تلقى معارفه الشرعية على أيدي كبار علماء عدن، مما انعكس على شخصيته كداعية مصلح، يحمل همّ الناس، ويسعى لحل مشكلاتهم الأسرية والاجتماعية.

ارتبط الشيخ بالناس ارتباطًا وثيقًا، فتولى مرجعية الحي الذي يسكنه، ما جعله وجهة لأهل المنطقة لحل نزاعاتهم والإصلاح بينهم، إلى جانب نشر علوم الدين بأسلوب حكيم وميسر.

دور دعوي بارز

منذ توليه إمامة مسجد “الجيلاني” في العام 1992، خصص الشيخ حياته لنشر العلم الشرعي بأسانيده المتصلة. لم يقتصر نشاطه على الرجال فقط، بل امتد إلى النساء عبر المدارس والمراكز التعليمية، وكان خطيبًا ومعلّمًا لأبناء مدينته في خطبة الجمعة التي تميّزت بالصدق والوضوح.

ثبات في زمن الفتن

مع اندلاع احتجاجات العام 2011 وما تبعها من اضطرابات في اليمن، تصاعدت وتيرة العنف في مدينة عدن المسالمة. ورغم ذلك، ظل الشيخ الجيلاني ثابتًا على الحق، متحديًا جماعات الغلو والتطرف التي أفسدت البلاد بتدمير زوايا العلم والذكر.

كان الشيخ مرآةً صافية تعكس الحق، وصوتًا صادقًا ينفع الخلق، غير أن هذا الموقف أغضب أصحاب النفوس المشوهة والعقول المنحرفة، الذين استهدفوه بيد الغدر.

استشهاد في طريق الله

في فجر أحد الأيام، بينما كان الشيخ الجيلاني يسير نحو المسجد لصلاة الفجر، باغته الرصاص الغادر من خوارج العصر، لينال شرف الشهادة وهو يردد “الله أكبر”. فكان مقتله شاهداً على طغيان الظالمين، وصوته الهادئ المطمئن يصدح بالحق حتى آخر لحظة من حياته.

خسارة لا تعوّض

برحيل الشيخ الجيلاني، فقدت اليمن علمًا من أعلامها، ومربيًا عمل على نشر الود والمحبة والإصلاح المجتمعي. لكن المعلم الصالح يبقى حياً في قلوب من تعلموا منه، ممتدًا علمه وفكره ليضيء للأجيال القادمة طريق الخير.

رحم الله الشيخ علي عثمان الجيلاني، وجعل مثواه الفردوس الأعلى، وجزى خيرًا كل من سار على نهجه في نشر العلم والدعوة إلى الإصلاح.