fbpx

شهيد الشهامة ابن الجورة

Ar

شهيد الشهامة ابن الجورة

محمد محمود طالب في الثانوية الأزهرية، وكان من خيرة طلبة العلم وله همة وعزيمة لا تعرف الكلل والملل، وقد كان يرتب ويخطط لنفسه بعد أن ينتهي من الثانوية الأزهرية التحاقه بجامعة الأزهر بإحدى الكليات الشرعية وكان يؤهل ويرقي نفسه لذلك. محمد محمود محمد خضر ولقبه “السبع” ولد في قرية الجورة بمحافظة شمال سيناء يوم الثلاثاء الموافق 5|3|2002م. واستشهد في يوم السبت الموافق 4|7|2020م والذي سماه؛ هو جده لأمه الشيخ الفاضل خلف رحمه الله.

نشأ هذا الشاب على التقوى والصلاح، ذو صوت شجي تالٍ للقرآن الكريم، وعلى صغر سنه كان له دوره في مجتمعه؛ حيث كان مؤذنا وإماما يؤم المصلين في الصلوات الخمس في جامع الزاوية بمقر الطريقة العلاوية الشاذلية بمنطقة الجورة ويقوم بالوظائف المختلفة فيها مع الحرص الشديد على نفع بلده وأهلها.

الثبات؛ كلمة عظيمة ترسخت في قلب هذا الشاب مما تلقاه عن شيوخ العلم والتربية في زاوية العلم في منطقته (الجورة) التي تعرضت كغيرها من الزوايا للتهديد والتخويف من قبل المتطرفين ذوي الفكر الأحادي في عصرنا؛ فباتوا يهددون ويخربون ويشردون ويقتلون كل أهل زاوية في سيناء لا تروق لفكرهم الأحادي الضيق ممن لا يكون على منهجهم. فثبت هذا الشاب في زواية علمه على المنهج الذي تلقاه، ولم يتزحزح عنها طرفة عين، بل اخذ يقوم مع اخوته الطلبة وشيخهم بوظائف العلم والتعليم والذكر والتذكير والبيان للناس بالمنهج الأصيل بلا هوادة ولا خوف ولاتأخر ولا نزوح عن منطقتهم التي عمل المتطرفون على تخويفهم وغيرهم من زوايا العلم والذكر في سيناء ليتركوها ويهاجروا من منطقتهم.

كانت أول أهداف المتطرفين في سيناء هي الزوايا العلمية ومشايخها وطلبة العلم فيها، فلا توجد طريقة لدى تلك الجماعات المتطرفة الا التهديد والتخويف والقتل في كثير من الأحيان ليوهنوا ثبات أهل الصدق والحق؛ فمارست تلك الجماعات اشد انواع التهديدات؛ وهي التخريب والسطو على بعض الزوايا الموجودة في منطقة هذا الشاب التقي ليروعوهم ويخوفهم فيتركوا منهجهم الأصيل أو ينزحوا ويغادروا منطقتهم حتى تخلو للمتطرفين يعيثوا فيها كما أرادوا.

ولم يكترث هذا الشاب الناسك زكي الدم مع اخوته من طلبة العلم بكل أنواع التهديدات من قبل المتطرفين التي مارسوها على فترات متقاربة في سيناء وبالقرب من منطقتهم، بل واستمروا في عملهم العظيم مع شيخهم المبارك في طلب العلم والتربية والدعوة إلى الله، و بث الثبات والصبر في قلوب الناس في منطقتهم بعد أن أوشك بعضهم بالرحيل والمغادرة من المنطقة، فثبت الجميع ببركة هذه الهمم العلية والعزائم القوية.

وفي يوم السبت الموافق الرابع من يوليو لعام 2020 استيقظ الشاب محمد خضر السيناوي قبيل الفجر ليتطهر ثم خرج فأذن للصلاة في جامع الزاوية ليصلي بالناس إماما. ومع ساعات النهار الأولى سمع خضر ووالده صوت استغاثة نساء جارهم القاضي العرفي سلامة أبو معيوف البالي. المعروف بدوره النبيل في إصلاح ذات البين بين الناس في القبائل. هب الاثنان لإغاثة القاضي الجليل، الذي استحلف مرارا وتكرارا المهاجمين بالعودة حقنا للدماء. لكن تطرفهم وهواهم أعمى بصيرتهم وأقدموا على اغتياله. وحاول والد محمد محمود خضر الدفاع عن البيت وأهله لكنه لحق بالقاضي شهيدا. فثبت الشاب الجسور وأخذ يدافع في شجاعة حتى لحق بسابقيه شهيدا. ويلقى الله ثابتا مقداما على فعل الخير كما اعتاد طيلة حياته العظيمة.

شاب في مقتبل العمر، مجتهد في طلب العلم، مثابر مجتهد، ذو همة وثبات على الخير وخدمة أهله وبلده، أعد نفسه ووقته وعمره لصناعة مشروع العلم والإصلاح لمنطقته ووطنه فاغتالته أيدي خوارج العصر الهدامة.

في هذا أوضح وأجلى مثال بأن هذه الجماعات المتطرفة تهدم البنيان العمراني والإنساني، بل وتسعى لوأد كل ما من شأنه بناء الإنسان واستقرار الأوطان واشاعة القيم والأخلاق.

حصلت الجريمة في قرية الجورة بمحافظة سيناء المباركة، ولم يكن توثيق للجريمة الشنعاء الا عبر أهل المنطقة أقارب وأصحاب الشهيد.

تحميل