أخبار مبادرة سند
مبادرة سند
إذا كنت ترغب في حضور فعاليات طابة، يرجى الاشتراك في القائمة البريدية لضمان الحصول على أحدث أخبارنا و دعوات الفعاليات القادمة.حياة الشيخ محمد آدم التجاني واستشهاده
الشيخ محمد آدم محمد الطاهر التجاني كان عالمًا جليلًا وداعيةً إسلاميًا بارزًا ترك أثرًا عظيمًا في بلاده وخارجها. وُلِد في السودان عام 1939م (1385هـ)، وتوفي في مدينة نافطي بنيجيريا عام 2014م (1436هـ)، ليختتم بذلك حياة مليئة بالعلم والدعوة والعمل في سبيل نشر الإسلام وقيمه السامية.
النشأة والعلم
نشأ الشيخ محمد آدم في أسرة علمية عريقة؛ فقد كان والده من حُفّاظ القرآن الكريم، وجده من كبار العلماء الذين تخرج على أيديهم علماء بارزون في نيجيريا. حفظ الشيخ القرآن الكريم في سن الرابعة عشرة، وبدأ بعد ذلك في دراسة الفقه المالكي على يد والده.
وفي سعيه لتوسيع معارفه، سافر إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف، حيث تلقى العلم على يد كبار العلماء مثل الشيخ محمود خليل الحصري. قضى الشيخ أكثر من 25 عامًا في مصر، فحفظ الكتب الستة وأخذ شروحها، وحصل على عدة درجات علمية، بما في ذلك الدكتوراه في أصول الدين. بعد ذلك، عاد إلى نيجيريا ليواصل مسيرته في خدمة العلم والتعليم.
دور عالمي في نشر الدعوة
لم يقتصر تأثير الشيخ محمد آدم على نيجيريا فقط، بل امتد إلى دول عديدة مثل إندونيسيا، فلسطين، تركيا، وأمريكا، حيث كان يذكر بقيم الاسلام السمحة ويدعو الناس للإسلام بقيمه السمحة ويدعو الناس إلى اتباع منهج الحكمة والموعظة الحسنة.
كما كان له دور بارز في موسم الحج، حيث ترأس وفود الحجاج النيجيريين على مدى 47 عامًا، وكان يقوم بإرشادهم ووعظهم خلال المناسك. عُرف الشيخ بكرمه وتواضعه وزهده في الدنيا، ولم يتغيب يومًا عن أداء الحج أو زيارة المدينة المنورة طيلة هذه السنوات.
في نيجيريا، أسس الشيخ مجالس العلم والذكر في منزله، والتي استمرت لأكثر من 40 عامًا، وأصبحت قبلة للطلاب والعلماء من مختلف أنحاء البلاد. كذلك، ساهم الشيخ في بناء أكبر مكتبة إسلامية في المنطقة، جمع فيها كتبًا دينية أصيلة من مختلف الدول الإسلامية، لتصبح مرجعًا أساسيًا للباحثين في علوم الحديث والفقه.
مواجهة التطرف بفكر معتدل
كان الشيخ محمد آدم من أشد المناهضين للفكر المتطرف، خاصة جماعات مثل بوكو حرام. لم يواجههم بالسلاح، بل اختار أسلوب المواجهة الفكرية، عبر نشر المنهج الوسطي والتصدي للتحريف والضلال في الفهم الديني. سعى إلى بناء دور العلم والذكر في أفريقيا وآسيا وأوروبا، مما جعله هدفًا للمتطرفين الذين رأوا في منهجه تهديدًا لفكرهم.
استشهاده في مواجهة التطرف
في عام 2014، وبعد عودته من الحج، استقر الشيخ في منزله في نافطي. سرعان ما علمت جماعة بوكو حرام بوجوده هناك، فقررت استهدافه. في يوم الحادث، وبينما كان الشيخ يستعد للخروج للصلاة، حاول أهله منعه خوفًا من المتطرفين الذين كانوا بانتظاره، لكنه رد عليهم قائلاً: “أتخشون الموت؟ ولماذا تخشون الموت؟“.
خرج الشيخ إلى فناء بيته، حيث واجه مجموعة من المسلحين الصغار الذين اتهموه بنشر الشرك بالله. أجابهم الشيخ بثبات: “أنا أدعو الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له”. وعندما أدركوا أنهم عاجزون عن مجابهة حجته، قرروا إطلاق النار عليه وعلى من كانوا معه، فاستشهد الشيخ ومعه أربعة من مرافقيه.
إرث خالد
كان لاستشهاد الشيخ محمد آدم أثر عميق في المجتمع النيجيري والعالم الإسلامي. فقد كان عالمًا عاملاً صالحًا، ترك خلفه إرثًا علميًا ودعويًا امتد تأثيره إلى أجيال من الطلاب والمريدين. بفقدانه، خسر المجتمع عالمًا مجاهدًا في سبيل نشر الحق، ورمزًا من رموز الوسطية والاعتدال.
رحم الله الشيخ محمد آدم التجاني وأسكنه فسيح جناته، وجعل علمه وجهوده في ميزان حسناته، وجمعه مع النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.